responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 339
[سورة إبراهيم (14): الآيات 2 الى 3]
اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أَيْ مُلْكًا وَعَبِيدًا وَاخْتِرَاعًا وَخَلْقًا. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَغَيْرُهُمَا:" اللَّهُ" بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ" الَّذِي" خَبَرُهُ. وَقِيلَ:" الَّذِي" صِفَةٌ، وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ، أَيِ الله الذي له ما في السموات وما في الأرض قادر على كل شي. الْبَاقُونَ بِالْخَفْضِ نَعْتًا لِلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ فَقَدَّمَ النَّعْتَ عَلَى الْمَنْعُوتِ، كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِالظَّرِيفِ زَيْدٍ. وَقِيلَ: عَلَى الْبَدَلِ مِنَ" الْحَمِيدِ" وَلَيْسَ صِفَةً، لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ صَارَ كَالْعَلَمِ فَلَا يُوصَفُ، كَمَا لَا يُوصَفُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِقُدْرَةِ الْإِيجَادِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَالْخَفْضُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، مَجَازُهُ: إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ. وَكَانَ يَعْقُوبُ إِذَا وَقَفَ عَلَى" الْحَمِيدِ" رَفَعَ، وَإِذَا وَصَلَ خَفَضَ عَلَى النَّعْتِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَنْ خَفَضَ وَقَفَ عَلَى" وَما فِي الْأَرْضِ". قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْوَيْلُ فِي" الْبَقَرَةِ" [1] وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْعَذَابِ وَالْهَلَكَةِ." مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ" أَيْ من جهنم. (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) أَيْ يَخْتَارُونَهَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَالْكَافِرُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. فَ" الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ خَفْضِ صِفَةٍ لَهُمْ. وَقِيلَ: فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ، أَيْ هُمُ الَّذِينَ. وَقِيلَ:" الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ" مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ." أُولئِكَ". وَكُلُّ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتَهَا، واستحب

[1] راجع ج 2 ص 7 فما بعد.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست